صوت رصاص و قذائف مدفعية و طائرات تقصف هنا و هناك، طفلة تركض مسرعة لتختبئ في أحضان والدتها فتسقط منها دميتها، تخاطر بحياتها لتنقذ دميتها ، رصاص الغدر لا يميز الطفولة ولا البراءة، استشهدت الطفلة في الخامس من حزيران سنة 1967، و سالت دمائها الطاهرة لتروي حكاية 41 عاماً من الغدر و القتل و الإرهاب، لتروي حكاية فتاة اسمها الجولان ..
التسمية :
الجولان, اسم أطلقه العرب على منطقة في بلاد الشام أي في سورية ، وكانت المنطقة جزءا” من إمارة الغساسنة العرب ، الذين حكموا سورية الجنوبية .والاشتقاق اللغوي للاسم على اتصال بكلمة (أجوال) وهي تعني البلاد التي يعج فيها الغبار .
أين تقع في الخريطة :
أرض عربية سورية تقع في أقصى جنوب غرب سورية على امتداد حدودها مع فلسطين المحتلة. تقدر مساحته بـ 1800 كم مربع. وله شكل متطاول من الشمال إلى الجنوب على مسافة 75-80 كم، بعرض متوسط يتراوح بين 18 و20 كم. والجولان تسمية مرادفة لمحافظة القنيطرة التي أحدثت عام 1964. وتقدّر مساحة محافظة القنيطرة بـ 1860 كم مربع، أي أكبر بقليل من مساحة منطقة الجولان الجغرافي.
تقع كتلة جبل الشيخ في شمالي الجولان، وتفصله عن البقاع الجنوبي في لبنان. ويفصل وادي نهر اليرموك العميق في الجنوب بين الجولان ومرتفعات عجلون والأردن الشمالية الغربية. وأما في الغرب، فإن هضبة الجولان تطل على سهل الحولة وبحيرة طبريا بجروف قاسية، في حين يقع وادي الرقاد في الشرق بين الجولان ومنطقة حوران. يقع معظم الجولان على ارتفاعات عامة تراوح بين 950 و1300 م فوق سطح البحر.
المناخ :
يتميز مناخ الجولان باختلافه، فهو ماطر و مثلج على المرتفعات ، و معتدل كلما اقتربنا من سطح البحر، و صيفي في الوديان.
الأهمية الإستراتيجية:
تنسب جولان وجبل العرب وحوران إلى حوض هيدرولوجي واحد وتعتبر أمطار الجولان غزيرة حيث تبلغ معدلاتها أكثر من/1000/ ملم سنويا” وعدد الأيام الممطرة تقريبا” /70/ يوما” في المتوسط , ويتمتع الجولان بهطولات مطرية تقدر بأكثر من مليار متر مكعب سنويا ,” والجولان الذى تعادل مساحته/ 1/ بالمئة من مساحة سورية الإجمالية يتمتع بمردود مائي يعادل/3/ بالمئة من المياه التى تسقط فوق سورية و/14/ بالمئة من المخزون المائى السوري .
أكبر المحاصيل فى الجولان هو القمح وتزيد المساحة التى يزرع فيها ربع الاراضي المستثمرة ثم الشعير والحمص والعدس والبازلاء والزراعات الصيفية كالذرة والرز والتبغ .
كما اشتهر الجولان بتربية الماشية كونه يملك أضخم غطاء عشبي فى سورية وبخاصة الأبقار و الجواميس والماعز والإبل.
الجولان في التاريخ :
تاريخ الجولان هو جزء من تاريخ سوريا التي تؤلف جزءاً من الوطن العربي، كما تؤلف جزءاً من المنطقة التي اصطلح تسميتها “الشرق الأوسط”. كان الشرق الأوسط مهداً للكثير من الحضارات القديمة التي اتصفت بتنقل مستمر للكتل البشرية. وكانت الهجرات والغارات والتجارة منشأ اختلاط دائم أضر بسكان الشرق الأوسط كله. إن جميع هذه التنقلات انعكست على الجولان، الملتقى الحقيقي بين الشرق والغرب، والجنوب والشمال. وإن خريطة شبكة الطرق في الجولان تدل على الدور الذي اضطلع به في العلاقات بين الشعوب القديمة.
لم يعد هذا الوضع المساعد على السير في جميع الاتجاهات بالخير على الجولان، بل على العكس، كانت النتائج أحياناً مؤسفة، لأن الجيوش المصرية وملوك فارس وآشور والكلدانيين والمقدونيين واليوناينين والسلوقيين جاءت على التوالي لتتصادم في الجولان “ملتقى الغزوات“. وهكذا كتب على الجولان، كما على الشرق الأوسط بعامة أن يكون ضحية عدم الاستقرار والفوضى حتى اليوم الذي بسط فيه العرب حكمهم على أنقاض تلك الممالك القديمة.
حقيقة تاريخ الجولان شائك جداً و قديم قدم هذا الزمان لذلك لن أخوض كثيرا في تاريخها القديم ، لكن المهم هو معرفة مدى أهميتها التاريخية و أنها كانت محط أطماع الكثيرين و تنقلت في العصر الحديث من يد العثمانيين إلى الانتداب الفرنسي و من ثم أخيرا بيد الكيان الصهيوني المجرم.
الجولان تحت الاغتصاب الصهيوني المجرم :
احتلت قوات الإحلال الإسرائيلي إبان عدوان الخامس من حزيران عام 1967 م الذي طاول ثلاث دول عربية هى سورية ومصر والأردن: الجولان والضفة الغربية وقطاع غزة وصحراء سيناء , وبعد أقل من شهر من احتلال الجولان السوري أقامت حكومة إسرائيل عشر نقاط للناحال الشبيبة العسكرية فى المنطقة كمؤشر أول على حقيقة الأطماع الإسرائيلية وفاتحة لعملية الاستيطان الواسعة وتمهيدا” لقرار ضم الجولان واعتباره جزءا” من أرض إسرائيل وتطبيق القوانين الإسـرائيلية عليه وطرد 120 ألف مواطن عربي سوري من سكان الجولان، لجأوا جميعهم إلى داخل سوريا بما يخالف كل الشرائع والقوانين الدولية الخاصة بوضع السكان والأرض تحت الاحتلال ولاسيما اتفاقيات جنيف عام 1949 م .
ليس احتلال الجولان، كما تدعي إسرائيل، وليد ظروف معينة، وإنما هو نتيجة لأطماع إسرائيلية في التوسع في الأرض العربية وهناك أدلة وشواهد كثيرة على ذلك، منها:
*الحدود التي رسمها ديفيد بن غوريون للدولة اليهودية فقد كتب سنة 1918 يقول أن هذه الدولة “تضم النقب برمته، ويهودا والسامرة، والجليل، وسنجق حوران، وسنجق الكرك (معان والعقبة)، وجزءاً من سنجق دمشق (أقضية القنيطرة ووادي عنجر وحاصبيا)
*الحدود التي رسمتها المنظمة الصهيونية العالمية للدولة اليهودية فقد قالت في مذكرتها المؤرخة في 1919/2/3 م التي قدمتها إلى مؤتمر الصلح في باريس، أن هذه الدولة يجب أن تضم جبل الشيخ وعللت ذلك بحاجة الدولة المنشودة إلى مصادر المياه من هذا الجبل الذي يلتصق بالجولان
* المطالب التي عبر عنها حاييم وايزمان، زعيم الحركة الصهيونية يومذاك، في رسالته إلى رئيس وزراء بريطانيا لويد جورج، عشية انعقاد مؤتمر سان ريمو فقد قال وايزمان: “وضعت المنظمة الصهيونية، منذ البدء، الحد الأدنى من المطالب الأساسية لتحقيق الوطن القومي اليهودي ولا داعي للقول إن الصهيونيين لن يقبلوا تحت أي ظروف خط سايكس- بيكو، حتى كأساس للتفاوض، لأن هذا الخط لا يقسم فلسطين التاريخية ويقطع منها منابع المياه التي تزود الأردن والليطاني فحسب، بل يفعل أكثر من ذلك، إنه يحرم الوطن القومي بعض أجود حقول الاستيطان في الجولان وحوران التي يعتمد عليها المشروع بأسره إلى حد كبير” وقد كرر الطلب ديفيد بن غوريون في رسالته التي وجهها باسم اتحاد العمل الصهيوني إلى حزب العمال البريطاني، وذلك في نيسان 1920
* الكتاب الذي أعده لورانس اوليفانت عام 1771 م دعا فيه اليهود إلى استعمار سورية الجنوبية وأرفق به خريطة تشمل المنطقة من غزة الى جبيل ومن بعلبك مرورا” بدمشق والجولان وحوران حتى طريق الحج .
قانون ضمن الجولان للكيان المجرم :
قدمت الحكومة الإسرائيلية إلى الكنيست يوم 14 كانون الأول (ديسمبر) 1981 مشروع قانون جاء في مادته الأولى ” يسري قانون الدولة وقضاؤها وإدارتها على منطقة مرتفعات الجولان” وقد حاز المشروع، بعد مناقشة قصيرة وسريعة في الكنيست، على تأييد 63 عضواً ومعارضة 21 عضو من الحزب الشيوعي وحركة تيلم/ وشينوى اليساريتين .
وقد قدم بيغن المشروع بخطاب قال فيه: “لن نجد في بلدنا أو خارجه رجلاً جاداً درس تاريخ أرض إسرائيل في وسعه أن يحاول إنكار أن هضبة الجولان كانت على مر أجيال كثيرة جزءاً لا يتجزأ من أرض إسرائيل لقد كان من الواجب إذن أن يمر خط الحدود الشمالية لأرض إسرائيل التي دعيت باللغة الأجنبية باسم فلسطين، في تصريح بلفور وفي الانتداب الدولي، بهضبة الجولان” وبعد أن زيف بيغن الحقيقة وكذب على التاريخ، أضاف ” أن السوريين رفضوا يدنا الممدودة، منكرين إنكاراً تاماً حقنا في الوجود كدولة يهودية”
سأكتفي بهذا القدر من سرد حكاية الجولان تاريخياً و جغرافياً ، لكني سأتحدث عن حكايتها في قلوب و مشاعر السوريين سواء من يعيشون فيها أو خارج حدودها.
*أغلب ما جاء في التدوينة من معلومات و أرقام تم اقتباسها من موقع السفارة السورية في مسقط لذلك وجب التنويه.
[center]ان شاء الله راجع باذن الله