شاء حظي العاثر أن تنقطع إشارة البث عن جهاز التليفزيون يوم افتتاح كأس العالم وبالتحديد أثناء مباراة جنوب إفريقيا والمكسيك، صعدت إلى أعلى البناية في الدور السابع عشر لتحريك هوائي الاستقبال، وما هي إلا ثوان حتى صعد جاري السوري، في حالة من الغيظ، حاول إخفائها يخبرني أن الإرسال قد انقطع عن جهازه أيضا وهو يتابع المباراة، سألني إذا كنت حركت الهوائي الخاص به، قلت له نعم بطريق الخطأ، بدا وجهه واجما، وهو في هذه الحالة، فؤجئنا بابن جارنا الليبي يحمل معه طابق إرسال ومعه فني، قلت له لقد جئت في الوقت المناسب أرجو قبل كل شيء أن تضبط الإشارة في هوائي جارنا السوري، حاول وقال المسألة ستأخذ وقتا وعليكم الاستعانة بفني آخر، بعد عدة محاولات نجحنا في إعادة البث، جاء جارنا البنغالي يشكو أيضا من تشويش على المباراة عرفنا بعد ذلك أن المسألة كانت عامة في اليوم الأول من كأس العالم، لكن الغريب أن ابن احد أصدقائي اتصل بي وقال لي " الحق يا عموه بابا راح يطلق ماما عشان الأرجنتين كسبت نيجيريا فريق أبي المفضل وماما كانت تشجع الأرجنتين " وإذا كان البشر مغرمون الى هذا الحد بمشاهدة كرة القدم فان المسألة حين تصل الى الطلاق فهذا أمر جلل.
لقد أشارت دراسة أجراها الأستاذ " خليفة ألمحرزي" استشاري العلاقات الأسرية بمحاكم دبي حول " تأثير كأس العالم في ارتفاع معدلات الطلاق" خلال هذه الفترة، الى تزايد المشاجرات الزوجية بنسبة وصلت الى سبعة وأربعين بالمائة، فالزوج يتجاهل تماما الزوجة، ويؤجل كل الموضوعات الى ما بعد انتهاء المباراة، ويكرس كل وقته لمشاهدة المباريات، ومتابعة التعليقات المختلفة عليها، وما يصاحب ذلك من تغير الحالة المزاجية له، وبعضهم يفضل مشاهدة المباريات خارج المنزل، ويعودون في وقت متأخر من الليل، والويل كل الويل للزوجة إذا خسر الفريق الذي يشجعه، قد يحمل الزوجة مسؤولية الخسارة وكأنها هي " مدرب المنتخب"، تروي إحدى المطلقات منذ أربع سنوات منذ كأس العالم السابق ألفين وستة التي استضافته فرنسا، أن زوجها وأصدقائه كانوا يشاهدون إحدى المباريات، كانت تكوي ملابس أولادها، وحدث شرر كهربائي ففصلت التيار على اثر ذلك غادر أصدقاء زوجها المنزل غاضبين، الأمر الذي أحرج زوجها، واتهمها بأنها تعمدت فصل الكهرباء ورمى عليها يمين الطلاق.
ظاهرة الطلاق والخلافات الزوجية أثناء مشاهدة المباريات موجودة في كل أنحاء العالم، تقول لي زوجتي أن خالها يشجع نادي الزمالك، وإذا خسر الفريق، يعتزل زوجته وأبناءه وتصيبه حالة من الاكتئاب والإحباط، الى درجة انه يتناول الطعام بمفرده ويستمر على هذا الحال عدة أسابيع حتى يعود لسيرته الأولى وإذا كانت المؤشرات بحسب الدراسة تشير الى أن هذه الظاهرة تهدد ثلاثمائة وخمسين مليون أسرة في العالم باعتبار أن هناك أكثر من ثلاثة مليارات مشاهد على الأقل لكأس العالم بينهم مليار متزوج، فان ثلاثة وثلاثين بالمائة منهم تعرضوا للخلافات الأسرية التي وصلت الى الطلاق أثناء المونديال السابق.
في بريطانيا مثلا قررت المغنية البريطانية شيريل كول أن تقيم حفلا لطلاقها من نجم فريق تشيلسي والمنتحب الانجليزي اشلي كول أثناء أولى مبارايات منتخب بلادها مع المنتخب الأمريكي، وذلك بعد زواج دام أربع سنوات، وكانت شيريل قد رفعت دعوى طلاق أمام محكمة لندن العليا في أواخر الشهر الماضي بعد أن اكتشفت خيانة زوجها وإقامة علاقات غرامية، هذه المرة الطلاق ليس بسبب كأس العالم، ووصلت الكراهية الى حد جعلها لا تريد مشاهدة أولى مباريات منتخب بلادها في كأس العالم بسبب مشاركة زوجها في هذه المباراة.
ولتجنب الطلاق وخراب البيوت في عالمنا العربي، يطرح خليفة ألمحرزي عدة حلول فالزوج عليه أن ينظم وقته بين كل مباراة وزوجته وأولاده وان تتجنب الزوجة الحديث في شؤون المنزل والأولاد أمام زوجها أثناء المباراة، وان يسيطر الزوج على أعصابه في حال خسارة فريقه فاللعب مكسب وخسارة، أما إذا كان الزوج سريع الغضب وغير قادر على التحكم في أعصابه، فننصحه بأن يتابع المباريات مع أصدقائه خارج المنزل،حتى لا يحدث ما لا تحمد عقباه ويحدث ابغض الحلال عند الله الطلاق وما ينجم عنه من آثار نفسية واجتماعية اكبر بكثير مما تحدثه مباراة في كأس العالم.